مِن أصلٍ سوري!

كم تُغيظني هذه العبارة التي تطالعنا بها مقالات متفاخرة "من أصل سوري"، "من أصل مصري"، "من أصل لبناني"، "من أصل عربي"!

وأنا لا أستطيع أن أرى أي جانب من جوانب الافتخار!

فهو إمَا "طَفَشْ" لأننا لم نرَ عِلمه ولا مقدرته. بل غالبا ضحكنا من أحلامه، وتندّرنا بطموحاته.

أو أنّه وُلِدَ هناك، فلا ناقة ولا جمل لـ "أصله" بمقدار ما أن بلاده التي يعيش فيها أعانته فَوَصَل.

لماذا لم تتركوه عندكم، إذا كنتم حاضرون للافتخار؟

لماذا لم تفتحوا له مخبرا، إذا كنتم ترون ما يصنع؟

لماذا لا تراسلوه وتغروه وتحفّزوه على العودة والدراسة والعمل لديكم، إذا كنتم بالفعل تعرفون ما يملك؟

هل تعرفون أن المهاجرين اللبنانيين – بدون هجرة حروب ما بعد 1975 – هم أكثر من ثلاثة أضعاف سكان لبنان؟

هل تعرفون أن المهاجرين السوريين – بدون هجرة حرب الـ10 سنوات الأخير – هم أكثر من ثلثي سكان سوريا قبل الحرب؟

وطبعا العراق ومصر وسواها مما يُسمى الدول العربية!

ألا ترون أنّ تميّز وتفوّق كل واحد من أولئك، يُعادل صفر تفوق في أرض الوطن التي تهلل للذي "من أصل..."؟!

ألا ترون بالفعل أن كل تميّز وتفوق لواحد من أولئك، هو وصمة عار، يجب أن نهرب منها، ونطمس ظهروها؟ لاحظوا دورة الواقع المريرة:

"طفش" من عنا، تميز عندهم، باعونا ما تميز به عندهم، طَبَّلْنا وزمّرنا له لأنه أصلا من عندنا.

هل حقا يمكن قياس هذا العار الذي نصنعه وندفع ثمنه؟

 

كالغري 24 آذار 20021