عيد المعلم

تَاهَ العيدُ هذه السنة في دوّامات مآسٍ لا تحتوي مفرداتُه أسماءها، ولا تَضمّ معانيه تفسيراً لها، ولا عَرَفَ تاريخُه مثيلاً لها!

تَاهَ العيدُ وأصحابُه

بين مدارسَ بعضها مُغلق، وبعضها صارت صفوفُها بيوتاً تَضيق بنازليه، ومعظمها مُتصدّع مُتكسّر أو مُتهدّم!

وبين حَيْرة الفراغ، الذي كانوا يتشاجرون على ساعةٍ مِنه في البرنامج الأسبوعي للتدريس، ليتحوّل إلى ساعات النهار كلِّه!

وبين أولادٍ هجروا اللّباس المدرسيّ والكُتُب والدفاتر والأقلام وأناشيد الطفولة، وَرَهْبَة الامتحانات والعلامات، إلى "بسطات" صارتْ أشغالاً وأعمالاً و"بِزْنِس" يَصرفون اليوم بطولِه يُنادون على بضائعِهم البسيطة، ليعودوا إلى البيتِ ببضعِ ليراتٍ ما عَادَتْ تشتري خُبزَ اليوم!

وبين أخبارِ مُدرِّسين، هَجَروا المِهْنة الرّاقية الشّريفة، ليَعْمَلوا في قَطْعِ الرؤوس وَنَسْفِ البيوت وقَتْل أنفسِهم بِجَهْلٍ جديد تَعلَّموه وتَلقَّنُوا دُروسَه ونجحوا بامتحاناتِه العملية في طُرقاتِ مُدننا الكَئِيبة!

اخوتي أخواتي المعلمين والمعلمات

بين عِيدِكم وأسبوعِ الآلام هذه السنة أسبوعاً واحداً، في هذا الأسبوع، نَسيرُ مع مُعلِّمنا وسيِّدنا في دَرْبِ آلامٍ لا تُحتَمَل، ومَصيرٍ أقَلَّ ما يُقالُ فيه "الموت"، لكنَّ الـمُعلِّم الذي مَاتَ كان قدْ تَنبّأ صِدْقاً: الحبَّة لا تَحيا وتُنْجِب وتَكْثُر إلاّ إذا ماتت.

أُصلِّي أنْ تَمْتَلئ قلوبُكُم مِن تَعزياتِ السيّد، وتَشْتَد إرادتُكم بِصَنِيعه الأبديّ، ويَغْمركم رجاءُ المسيحِ الربّ، وأنتم مُستمرّون في مُواجَهَةِ وتَحمّل آلامِكم وتيهانكم الذي امْتَدَّ فَزادَ على السنة.

كلُّ سنة، وكلُّ عيدِ مُعلِّم ليس كهذه السنة لكم جميعاً

حلب 20 آذار 2013