أكملت السعي

الأحد مساء، كان أحدهم يجر السرير الذي كنت مستلقيا عليه باتجاه غرفة العمليات، مارا بتلك الممرات العريضة والواسعة. أحدها كان ممرا طويلا جدا، وفي نهايته باب زجاجي كبير تخترقه اشعة شمس مبهرة.

فجأة قفزت افكاري من تخيلات غرفة العمليات إلى هذا السؤال: ماذا لو كانت نهاية هذه الليلة كهذا الممر، حيث أقف في نهايته أمام كرسي المسيح؟

ولا أعلم لماذا لم يتبادر إلى ذهني سوى قول بولس الرسول "قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا" (2تي4/7 و8).

وبدأت أناقش النص مع نفسي هكذا:

"قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ"، أما وضع الأكاليل فهي قضية متعلقة بالرب كليا.

"حَفِظْتُ الإِيمَانَ"، ليس من شك لدي أنني قد حفظت الإيمان، بمعنى أنني خبأته في قلبي، وبمعنى أنني ملأت ذهني منه، وأيضا بمعنى أنني حافظت عليه.

لكن ماذا عن "أَكْمَلْتُ السَّعْيَ"؟

هل بالفعل أكملت ما أوكلني الرب عليه خلال العقود الماضية؟ كل النقاط الأخرى في هذا النص محققة بفضل نعمته التي تفاضلت بالصليب. لكن هل سأوُجد ناقصا، مُهمِلا مُقصرا في واحدة أو أكثر مما أوكلني عليه؟

كان الطريق نحو تلك البوابة يتآكل بسرعة، وعقلي يحاول أن يجيب على السؤال. ثم تحولت نحو ما أوكلني عليه في هذه الأيام ولم يكتمل بعد، فهل هذا يعني أن هذا المرض ليس النهاية، فمازال أمامي ما أعمل عليه حتى أقف أمامه وأقول " أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ"؟

عند وصولي إلى هذه الفكرة، كان السرير ينعطف بي نحو اليمين لأصل إلى غرفة العمليات. وها أنا اليوم ما زلت أسائل نفسي من نحو ما عملتُ لمجده في سِنِيَّ الماضية.

 

كالغري 30 آب 2021