مهنة الجبناء

تروج في هذه الأيام واحدة من أبرز مِهن الجبناء، وهي قتل المصلين، وتفجير دور العبادة! وتنتشر هذه المهنة في الآونة الأخيرة، لأن المستثمرين فيها عديدون، منهم بعض المتمولين الكبار، ومنهم بعض مَن بعقولهم مسّ، ومنهم بعض الحكومات الفاسدة.

لماذا هي مِهنة الجبناء، لأن الجبان هو مَن يخشى المواجهة الشخصية أي وجها لوجه، بسكين كانت المواجهة أم برشاش أم – وخاصة – بالعقل! الجبناء يخشون المواجهة لهذا يغتالونك غيلة وبصمت وبينما أنت أعزل.

لهذا راجت عمليات القتل والتفجيرات المتخصصة بالمصلين ودور العبادة، وأقول دور العبادة، لأننا كمسيحيين، عادة ما ننظر إلى الأماكن التي يجتمع فيها الناس للصلاة والتعبد لإله "ما" كدار عبادة، له خصوصيته وحرمته التي يجب ألا تخترق لا من المتعبدين بطرق أخرى، ولا من أصحابه أنفسهم.

لماذا راجت مهنة الجبناء ضد العابدين ودورهم؟ لأنهم أسهل الطرائد أمام أولئك الجبناء، فهم عزل حتما، وظهورهم للجبناء، وعقولهم في سلام وبيوتهم – أي دور العبادة – مكشوفة مشرعة الأبواب.

ولهذا السبب عينه بدأت تزدهر قليلا قليلا مهنتهم في الشرق ضد المسيحيين.

لماذا؟

لأن مسيحيي الشرق هم أكثر الناس مسالمة وهدوءا وسكينة ...

ولأنهم أكثر الناس اعتزالا عن السلاح والعنف المرتبط به أو المسبب له أو الناشئ عنه ...

ولأنهم الأصعب في المواجهة الفكرية والعقلية وخاصة في عقيدتهم وإيمانهم ...

ولأنهم أكثر الناس انفتاحا وقبولا للآخر، واستعدادا للتعايش والتآلف ...

لأنهم يعيشون الكتاب المقدس الذي قال فيه سيدهم: "سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ، أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ ... لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ ... وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ، فَأَيَّ فَضْل تَصْنَعُونَ؟ ...".

لكن السؤال المزدوج سيبقى:

إلى متى سيستمر الترويج والتسهيل لمهنة الجبناء هذه؟

إلى متى سيستمر إزدهار هذه المهنة ضد مسيحيي الشرق بالتحديد؟

وإلى أن تتجمع الجرأة الحقيقية والعملية للإجابة على هذا السؤال، وإلى أن تتوفر الإرادة الصادقة لمعالجة الكوارث الناتجة، نقول لكم يا أصحاب المهنة الذليلة هذه، ولكم أيها المستفيدون منها:

برهنتم على جبنكم لأنكم حاربتم أعزل وظهره لكم،

وأظهرتم كرهكم للمسيحيين لأنكم فجرتم كنيسة،

وأكدتم استصغاركم لله إذ أهنتموه بشكل شخصي لقتلكم – غيلة - عابديه والجالسين بين يديه،

وزدتمونا تمسكا بإيماننا وبكنائسنا وبوطننا!

هذا ما نقوله نحن لكم، أما الكتاب المقدس فيقول لكم: "صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ"

حلب 2 كانون2 2011