بالحقيقة أحرار

ما زلتُ مُندهشاً مِن أولئك الذين يشترون – يوميا - كيلو غراما مِن  اللحم ثم يلوّثنه ويرمونه في المهملات! مع أنهم يستطيعون اطعامه ببساطة لعائلتهم أو أقلّه للجيران الفقراء.

أو أولئك الذين يشترون – يوميا - كيلوغرامين أو أكثر من الفاكهة، ثم يدوسونها، ويتركونها مرمية خارجا، مع أن أطفالهم أولى بها مِن زفت الشارع!

أو أولئك الذين يرمون أجرة تكسي في سلة الزبالة، ثم يأخذون الباص أو ربما يضطرون للذهاب مشيا إلى أماكن عملهم!

أو أولئك الذين يواظبون على حرق عُشر مدخولهم اسبوعيا، وقبل استخدام أي مقدار مِن ذلك المدخول لأي غرض آخر غير الحريق!

ما زلتُ مُندهشاً مِن أولئك المستعْبَدين، حتى كأنهم يُشبهون شخصا – مضطرا – أنْ يطلب منك أن تلطمه كل ساعتين مرة، فتلطمه، ويبقى يرجوك أن تفعل هذا على مدار النهار! يتورم خده، يحمر جِلْده، ينام متألما منزعجا، لكنه لا يصدق متى يطلع الصباح حتى يسرع إليك لتصفه من جديد، ومن جديد على مدار النهار والليل!

ما زلتُ مُندهشاً مِن أولئك الذين ينتبهون إلى مكونات أطعمتهم، ويتأكدون أن تكون وجباتهم صحية تماما، بل وبعضهم يمارس الرياضة ليقي شرايينه من تكدس الشحوم فيها، بينما لا يتوانى عن تسميم رئتيه يوميا بإجبارها على عكس عملها بتكديس الكربون وطرد الأكسجين، بدلا من طرد الأول وامتصاص الثاني!

أما الدهشة الأكبر، فهي أنْ يقف بعضُهم ويُصرّح عَلناً، بصوت عالٍ، بثقة وجرأة، بثبات وعدم تردد: "إِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا"!

دعني أخبرك عزيزي، علّك تنتبه فتعي وتُغيّر: إنّ هذه الحرية التي تحدث عنها الرب لا تتعلق بالشتيمة التي أقلعت عنها منذ زمن، ولا الإساءات التي كنت تزعج بها زملاء الدرس أو العمل، بل هي تتحدث عن أي حبل ملفوف حول عنقك، يشد عليك ويخنقك ويستعبدك، بما فيها لفافات التبغ التي تستعبدك، وتجبرك على تفضيلها على طعام أولادك، وتسديد احتياجات ضرورية وأساسية في حياتك.

ما رأيك لو تنهي إجازة الروح القدس وتعيده للعمل في حياتك؟ فهو يستطيع أن يفك عن عنقك قيد التدخين!

 

كالغري 13 حزيران 2016