(15 يوم بعد التشخيص، أول يوم للعلاج)!

المرض والفراغ

 

هل هناك علاقة بين المرض والشعور بالفراغ؟ فلقد هالتني كمية الفراغ التي شعرت بها خلال الأيام الماضية! بل إن ما فاجأني أكثر هو إحساسي أن كمية الفراغ تتصاعد وتتضخم.

مؤكد أن المريض يُعدّل برنامج حياته اليومي ويلغي الكثير مما كان يقوم به، ليتفرغ لآلامه أو للتعامل مع القصور الذي أصابه بسبب المرض. وهذا بالطبع سيولد وقتا اضافيا لم يكن متوفرا خلال حياته العادية.

لكن ما أتحدث عنه يتعدى هذا الواقع الطبيعي، إلى سؤال بدأ يقرع ذهني بشكل متكرر: ماذا بعد؟ ماذا سأفعل؟ ولأن فترة علاجي طويلة، أصبح السؤال أكثر إلحاحا: إذا هل سأجلس هكذا أفعل لا شيء في بحر الفراغ القاتل الذي يكبر من حولي!

في الحقيقة، كان صراعي كبيرا مع هذا الموضوع خلال الأيام الماضية. وبدأت أشعر كأنه حفرة رمال متحركة تدور وتحاول امتصاصي للأسفل.

ماذا تفعل بوقت الفراغ الذي يقع بين يديك؟ ربما أكثر رد يمكن أن يأتي: دخيل الله، راح نام!

لكن ماذا ستفعل بوقت الفراغ الذي تُجبر على الجلوس به؟

خلال الأيام الماضية، كان يقفز هذا السؤال أمامي بشكل متواتر – أتعبني: أربعة شهور! ماذا سأفعل؟ كيف سأقضي الوقت؟

ثم بدأت آخذ تفكيري بإتجاه آخر: هل هذا جزء من تجربة هذا المرض، والامتحان الكبير الذي أدرس أسئلته الصعبة؟ فالمرض نفسه سؤال عسير، والألم سؤال عسير، وعدم معرفة الغد سؤال آخر عسير. فهل الفراغ وإهماله سؤال عسير يأتي في نهاية الصفحة ويبدو أنني مرشح للفشل به؟

أخذت كل الموضوع أمام الرب بالصلاة والتفكير، وتذكرت الوصية التي تبدو بسيطة وعادية "مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ" (أف5/16). وبدأت أفكر في يومياتي الـ 120 التي ستغطي الأشهر القادمة، لأرى ما يمكن أن أفعل، وما يمكن أن يلفت إنتباهي الرب إليه.

فإذا كنت تعبر بما يُشبه ما أعبرُ به، أشجعك أن تسأل نفسك هذا السؤال:

ماذا سأفعل بوقت الفراغ الذي ربما أُجبَر على الجلوس به؟

مصليا بركة وحكمة لحياتك.

 

 

كالغري 13 أيلول 2021