راقبوني لئلا أموت هـمًّا

يأتي رمضان، وتأتي معه المتاعب والهموم. ولئلا يموت المسلمون هما بمفردهم، يشغلوننا جميعا بهموم رمضانية لا قيمة لها!

فبالإضافة إلى همّ تاريخي قديم، مانزال نندهش من حصوله. فبعد مئات من السنين مِن أحترام العرب لشهر رمضان، ومنع الحرب فيه، كَسَره المسلمون منذ يومهم الأول وما يزالون، فهل كان عرب ما قَبْل الجاهلية، أكثر نوراً وعقلاً ولطفاً؟

وكأنّ الدنيا كلّها لا تعرفُ "الصوم"، وكأنّ أديان الأرض، السماوية منها والأرضية والفضائية، لا تعرف الصوم، ولا تملك شعائر خاصة به.

هل سمعتم على مدار أشهر السنة، ديناً مِن أديان الأرض يصوم، ويُـخبر الدنيا أنه يصوم، ويُقلق راحة الناس لأنه يصوم، ويُصادر حريات الناس لأنه يصوم؟ نعم هذا يحدث فقط في صوم المسلمين في رمضان!

هل أحصيتم ملايين الملايين التي تُصرف على تفاهات البرامج التلفزيونية، وعلى موائد لا إحصاء لتنوعها، وزينة وألوان وأضواء، بينما ملايين الملايين مِن "المسلمين" يتضورون جوعا، حتى يضطر بعضهم لبيع قطعةً مِن جسده، أو لتأجير جسده كله، لسد جوع أولاده أو أخوته؟ نعم يحدث هذا فقط خلال شهر الصوم المقيت!

هل رأيتم دينا يُهنئه المسلمون الصّوّامون بأعياده وأصوامه؟ بينما يتملّق بعض أصحاب تلك الأديان المسلمين بتهنئات وتبركات على كروش تكاد تتفتق مِن كثرة الأكل والشراهة؟ نعم يحدث هذا فقط لدى المسلمين الذين لا ينقطع اجتهادهم عن تحريم معايدة الناس وتهنئتهم!

يصوم المسلمون، وكأن لسان حالهم يقول: راقبوني رجاء، راقبوني لئلا أموت هما! راقبوني جميعا، توقفوا عن أعمالكم، أغلقوا محلاتكم، توقفوا عن البيع والشراء لترون كيف أصوم، ولتتنشقوا رائحة فمي النتنة، وتتأملوا وجهي العبس، وتتعجبوا من غيظي المتفجر عند كل نسمة هواء.

لكن ماذا سيحدث إذا توقفت عن مراقبته؟ أقله سيحرق مركز الإيواء بمن فيه!

اللهم إني صائم.

 

الخميس 9 حزيران 2016