عِيْدُ المُعَلِّمِ

عام آخر يأتي حاملاً معه هذه المناسبة الجميلة، لِنَحتفي ونُعبِّر عن تقديرِنا لأصحاب هذه المهنة النَّبيلة داخل الكنيسة وخارجها.

تَمرُّ المناسبة هذه السنة - كَما في السنوات القليلة الماضية - والعَمَلِيَّة التعليمية ما تزال تُواجه تحدِّياتٍ كبيرةً وعسيرة، أَقَلُّها الحَيْرَة في

اختيارِ ما هو حديث أو الإبقاء على القديم،

التَّطَلُّعِ إلى العصري أو الإرْكَان إلى التقليدي،

الـمَيْل إلى استخدام الآلات والـمُعِدَّات الحديثة في العملية التعلِيميّة أَمْ استمرار الإعتماد على الكتاب بشكله التقليديّ،

وَسِواها مِنَ التحدياتِ الكبيرة التي تَتَضارب وُجُهات النَّظر بخصوصها بين القائمين على العملية التربوية كما بين الأهل.

لَكِنَّ المناسبة تَمُرُّ هذه السنة أيضاً وتحديات كبيرة تقف أمام المعلِّم كما في كلِّ الأجيال السابقة تَتَعلَّق بإلزامية الاختيار بين:

الأمانة والاستهتار

بين الإلتزام والإهمال

بين تحكيم الضَّمير أو اسكاته واسباته

بين إنجاز المهمَّة كاملة أو جزءاً منها حسبما تيسر!

ومادامتْ هذه التحديات دائمةً مادامتِ العمليَّة التعليميَّة قائمة، ومادامتِ الشرور تُحارب الإنسان، فليس لَكُم أيُّها المعلمون والمعلمات، إذا كُنْتُم تَنْتَمون لله، وتَتَأصَّلون به بعلاقةٍ شخصية، إلاّ وصيَّة الكتاب المقدس التي تُخاطِبُ الإنسان الواقف أمام مِثل هذه التحديات: "وأمَّا أنتَ يا إنسانَ الله، فاهْرُبْ مِنْ هذا". لا تَجْعَل نفسَكَ تَرتَبِطُ به، أو تَنْتَمي إليه، أو تَنْحدر لِتُجَاريه، بل اِجعلْ الهروبَ منه منهجك.

لَكنَّ وَصيَّة الكتاب لا تَقِفُ هنا كأنَّ الكتاب المقدس يَحِضُّ أَتْبَاع وَصَاياه على السَّلبية وانعدام الهدف، بلْ يُكمل الوصيَّة السَّباقة بِتَحديد اتْجَاه وهدف الهروب قائلاً: "واتْبَعِ البِرَّ والتَّقوى والإيمانَ والمحبَّةَ والصَّبرَ والوداعَةَ".

إنَّه ليس هروباً نحو المجهول أو الفراغ أو اللاهدف، بل نحو ما يحتاجه المعلِّم والمعلِّمة في معركة الأجيال هذه.

أحبائي المعلمين والمعلمات

لقد حَبَاكم الله هذه المِهْنَة الشَّريفة الفريدة – وإنْ كانتْ ليست كذلك في عُيون كثيرين مِنْ حَولِكُم – لتكونوا مثالاً في إِظهارِ المحبَّة والوداعة، والسَّير بالصَّبر إلى آخر ما يُمكن الوصول إليه، بينما تُعلِّمُون أبنائي وأبناء آخرين تَعْرفون قِلَّة مِنهم، وأَغلبهم لا تعرفهونَهم.

فَهَل أنتَ إنسان الله في حِضُورك الكنيسة وحسب أمْ أنتَ إنسان الله في مِهْنَتِك التي تَتَمثَّل بها بالربِّ والسَّيد "المعلِّم"؟

مُصليًّا اِنْتَصارَكُم جميعاً في هذه المعركة.

 

حلب 18 آذار 2011