بعد انفجار الكنيسة (مصر)

عدت اليوم إلى الكنيسة.

عندي أكبر وأقوى الأسباب على الإطلاق حتى لا أذهب، ولكن من يستطيع أن يتغيب عن صلاة يوم الجمعة العظيمة؟

كل الوجوه من حولي كان يلفها الترقب والحيرة، وشعرت بالتردد يلف أرجل الجميع. نعم كَسَرَت التحيات والقبلات كثيرا مِن الجمود، لكن الخوف كان ما يزال يلّف قلبي.

المكان نظيف ومرتب، ورائحة البخور العطر تملأ المكان، لكن يبدو أنّ رائحة الدم قد عشّشت في أنفي أو في ذاكرتي. والواقع ساءلتُ نفسي إن كانت الروائح تسكن الذاكرة كالصور والأسماء وسواها!

المكان نظيف ومرتب، لكن صور الأشلاء كانت ما تزال تعبر أمامي كأني أمام شاشة كبيرة تُعِيد عَرْض المشهد بعد الآخر!

جلستُ بعيدا – قليلا – عن مكان بؤرة الإنفجار، المقعد جديد ومريح، وضعت رأسي بين يدي ورحتُ أصلي:

سامحني يا رب لأني لست معك، لأني لا أعرفُ كيف أجمع نفسي لأعبدك وأناجي بحبِّك.

تذكرتُ وأنا أصلي صلاتي هذه، كل أولئك الذين يكرهوننا، وربما يُـخططون لانفجار ثانٍ، أو ربما أعود مِن هنا إلى بيتي فلا أجده، لأنّ أحدهم تحمّس فحرقه! فانتابني شعور بالراحة، لأنّني أحضرتُ زوجتي وطفليّ معي إلى هنا. لكن ما هي سوى لحظات، حتى سألتُ نفسي بخوف: ولكن ماذا لو نَـجَح شخص آخر بتفجير الكنيسة ثانية؟

غمستُ رأسي بين يدي أكثر، ورحتُ أصلي: أرجوك يا رب احمي هذا المكان. إنْ كنتَ ستسمح بانفجار جديد الآن، لا تسمح أن يُصاب طفليّ بأذى، خذني أنا، أو ما رأيك أنْ تجعلنا كعائلة نصعد إليك؟

فجأة لمستني يد، جعلتني أنتفض مكاني خوفا، كأنّ تلك اللّمسة أخرجتني مِن هَوْل انفجار، وإذ بزوجتي تُـخاطبني: هيا حبيبي، انتهتْ الصلاة الليلة، وخرج معظم الناس!

نعم، مَـرَّ وقت الصلاة بلا انفجار، ولكن أيضا بلا حضور بالصلاة.

الجمعة 14-04-2017