رئيس شعبك لا تَقُلْ فيه سوءا

 

لِمَنْ لا يعرف، هذا رَدُّ بولس الرسول على مَنْ اتَّهمُوه أنَّه يَشْتُم رئيس الكهنة (أعمال الرسل 23/5).

والواقع عادةً ما يُشرح هذا القول على أنَّه تحريضٌ للشعب ألاّ يَقولوا كلاماً بَطِالاً أو باطَّلاً برئيسٍ للشَّعب، ويَبدو أنَّ القرينة في هذا النص أيْ أعمال الرسل والنَّص الأساس في العهد القديم (خروج 22/27) تُشيرُ إلى هذا بالضبط، أيْ ألاّ يَتورَّط الشخص بكلام بطَّالٍ أو بكلام باطِلٍ برئيس شعبه - الديني وغير الديني.

وهذا حَقٌ واجِبٌ على المسيحيين، أَقصِدُ ألاّ يَتكلَّموا كلاماً غير حميدٍ على رئيسٍ لِشعبِهم.

لكنَّ تَخصيصَ الشعبِ بهذا المَطْلَب، هو نِصفُ الحقيقة المنشودة بالقول، لأنَّ النِّصفَ الآخر مُتعلِّق بـ "رئيس شعبي"، والمقصود، وهذا ما أَرادَ بولس الرسول قوله: لا يَجِبُ أنْ تُوجَدَ في رئيس شعبي نَقِيصَةً تَفْتَحُ الفُرصة أمام الناس أنْ يَتَنَدَّروا بها، فتأتي سِيرتُه على أَلْسِنتهم مُقترنةً بتلك الصفة أو الصفات السيئة أو السلبية!

فرئيس الكهنةِ أَمَرَ أنْ يُضرَبَ بولس، لكنْ بلا ذَنْبٍ مُحَدَّدٍ، ولا قَضيّة مَقْضيّ بها، وهذه نَقِيصة برئيس الكهنة "رئيس الشعب" أنْ يَحْكُم على شخصٍ بدونِ أنْ يَفْسحَ للعدل أنْ يأخُذَ مَجْراه الطبيعي.

أَليس هذا ما تَفْعله يا مَنْ تَدَّعي "رِئاسة الشعب" عن طريق ما تُسمِّيهِ "رئاسة الكهنوت"؟

 

أَوَلا تخاف الله وأنتَ تَكذِبُ عَلَناً على الشعب، كلِّ الشعب، باتِّهَامِنا باطلاً أنّنا نَلْعَبُ بِعقُول المساكين، فنَسْرقهم منك؟ وأنتَ تَعرفُ أنَّ مِئات المسيحيين إنْ لم نَقلْ الآلاف، لا يَزورون الكنيسة إلاّ بالمناسباتِ السنوية، هذا إذا فعلوها؟ أين كُنتَ بينما كانوا مُنغَمِسين بالخطية والفساد، بعيدين عن المسيح قولاً وفعلاً؟ أين غيرتُك عليهم بينما يَرفضون المسيح لِصالِح تعاليمَ فاسدة ومُضِرّة مِنْ كلِّ صوب وحدب، وليس لهم مِنْ مُرشد أو دليل أو مُعين أو نصيح؟

يا مَنْ تدَّعي الأبوةَ وأنتَ لم تُجَرِّبْها، لِتعلمْ أنَّ الأبَ يَخرج للبحث عن الضال، والتفتيش عن المُنْفَلِت منه، والسؤال عن المتمرد عليه!

 

أَوَلا تخاف الله وأنت تكذب عَلَناً على الشعب، كلِّ الشعب، باتِّهَامِنا باطلاً أنَّنا نَشتريهم بالمال لِنَكْسَبهم موالين لنا؟ أمْ أنَّكَ خائفٌ على انقطاعِ أموالِهم عنك؟ وانحناءاتِ رؤوسهم – تَزَلُّفًا – لك؟ أمْ أنَّك تَخْشى انقلابَ السِّحرِ على السَّاحرِ، وما كُنْتُم قد فَعَلتُمُوه بِغَيرِكُم يَفْعله آخرون بكم؟

نحن أيُّها البعيدُ عن معرفة خدمة المسيح، نَشْتري الناس

   بِنُسخةٍ مِنْ إنجيل ربِّنا ومخلِّصِنا يسوع المسيح، كُنْتم قد مَنَعْتُمُوهم عنها،

   وبِتَعلِيمهم أنْ يُطلِقوا صلاتهم الخاصة بهم، دونَ أنْ يَقولهَا عنهم أحد،

   وبِتَدْريبهم ألاّ يَقُولوا سوءاً بـ "رئيس شعبهم".

كنتُ لا أُريدُ أنْ أقولَ "سوءاً في رئيس شعبي" مع أنَّكَ والحمدُ لله لستَ رئيساً "لشعبي"، لكنَّكَ حَكَمْتَ على نفسِكَ بكلامِ سوءٍ لأنَّكَ كَذَبْتَ وَفَتَنْتَ بين الشعب.

هوذا قريبٌ ذلك اليوم الذي تُسْتَعْلَنُ فيه خطايا الجميعِ وخفيَّاتِهم.

 

حلب 1 آب 2009