استراحة من الكراهية

 

كأن مسابقة تكديس الكراهية لن تنتهي، منذ أن تعرفنا عليها يوم بدأنا نفهم الحياة!

فقد بدأنا بكراهة المسلمين، لكثرة ما كانوا ينعتوننا بـ "الكفار" و "عبدة الصليب" باكرا جدا في الصفوف الأولى من الابتدائية – يعني ما تصدقوا كل الحكي الفاضي عن اللحمة الوطنية.

ثم رضعنا كراهة الإسرائيليين واليهود والصهاينة – ولا فرق بين التسميات ومدلولاتها وحامليها – المهم كل ما له علاقة باحتلال فلسطين.

ثم وقعنا في إشكالية الحرب اللبنانية، فكَرِهنا الفلسطينيين – الذين بكينا عليهم في فلسطين! وكان لابد أن نكره الموارنة وهم مسيحيون، فكيف نفعل هذا؟

ثم كرهنا الاخوان المسلمين، الذين تجدد كرههم كما سنرى لاحقا.

وقبل وبعد هذا كرهنا العراقيين ورئيسهم الشرير الفاسد.

وطبعا، لا حاجة للتذكير بكراهة الأميركان والبريطانيين والفرنسيين، ولا بأس من إضافة كل الأوروبيين. ونظام بريتوريا العنصري، وكل من وقف ضد دول عدم الانحياز.

والملاعين الذين أسقطوا سابقا جمهورية الوحدة. وطبعا لا أحد يعرف من هم – غير مهم – المهم نكرههم ونشتمهم كل سنة مرة!

وبالطبع كان لابد أن نكره الأتراك، ثم أقلعنا عن هذا بعد عام الـ 2000، ثم عدنا لكراهتهم ونكش كل الماضي التركي القذر ابتداءا من العام 2011.

ثم جاءت الحرب السورية، وكرهنا الناس بالجملة والمفرق.

والآن جاءت حرب أرمينيا – أذربيجان، وانهالت الدعوات من كل صوب لكراهة الأذريين وتجديد كراهة الأتراك، والدعاء لهم بالموت!

طيب، أنا أريد أعرف متى سينتهي مسلسل الكره والرغبة بالموت؟

الخشية أن حربا تركية مصرية تنشب، وسنضطر لتجديد كراهة الأتراك،

أو حربا مصرية اثيوبية تنشب، وسنضطر لكراهة الاثيوبيين – الذي لا نعرفهم بالطبع!

والخشية أن لعبة ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل تنتهي بمعاهدة سلام، وبالتالي سنضطر لكره اللبنانيين عامة.

ومن أيام قليلة ذبحوا المدرس الفرنسي، فوقعنا في الفخ! فنحن نكره الفرنسيين الغربيين، لكننا سنتعاطف معهم بعد قطع رأس الرجل، ونحن في قلق لنعرف من هم الذابحون. وقيل أنه شيشانيا، وما أن بدأنا نحضر أنفسنا لكراهة الشيشانيين، وصلت أنباء أن الأوامر بالذبح وصلت من سوريا!

والبارحة فجروا شيخا في دمشق، وننتظر أنباء عن المُفجرين، حتى نوجه كراهيتنا نحوهم!

يا جماعة، صدقوني هذا حمل لا نستطيع حمله بعد الآن،

هل هنا فسحة أو استراحة ما؟

لا تخافوا، لن نطالب بمحبة كل أولئك الأشرار السيئين، ولكن على الأقل أخرجونا ربع ساعة تنفس - استراحة.

كالغري 23 تشرين1 2020