أنا لم أقترع!

ما يزال الإعلام الغربي، وظله في الخليج البدوي يشتم ويكيل الاتهامات للنظام السوري بسبب تصميمه على إجراء الانتخابات الرئاسية وسط الحرب الأهلية، دون أن يأبه هذا النظام لمواطنيه الذين يموتون يوميا. وطبعا جوقة الجوكر ممن يمثلون المعارضة في الخارج يطبلون ويزمرون حسب تعليمات أمراء ألف ليلة وليلة.

عجيب أمر الغرب، ألا يذكر بالفعل، كم مرة ألزم "خيال النظام" في أفغانستان على إجراء انتخابات نيابية ورئاسية بينما كان أكثر من نصف البلد تحت سيطرة نفس المقاتلين الذين يحاربون في سوريا؟ كم أفغانيا قتل لأنه ذهب للاقتراع، وكم مسؤولا قتل لأنه ترشح لمنصب ما، وأوروبا وأميركا مصرة على الانتخابات! ألم يحدث الأمر عينه في البوسنة – صنيعة السعودية – والعراق ومنذ أيام في أوكرانيا!

واليوم كنت أقرأ ما نقلته صحيفة الديلي تيلغراف عن مراسها في حلب "الكذاب" ريتشارد سبنسر، أن السوريين أُجبروا على الذهاب للاقتراع بينما كانت مناطق المعارضة تتعرض للقصف العنيف خلال يوم الانتخابات.

حقا عجيب أمركم!

يعني لا يقل عن مئتي ألف سوري زحفوا باتجاه السفارة في بيروت، وما يزال "البعض" مصرّ على أن حزب الله وخلايا مخابراتية سورية أجبرتهم على الذهاب.

مئات السوريين طاروا إلى دمشق ليقفوا في المطار نصف ساعة فقط ليصوتوا ويعودوا، وعلى ما يبدو أجبرتهم خلايا مخابراتية سورية موجودة في الكويت ومصر وسوها.

واقبال سوري في بعض دول أوروبا وبعض آسيا وبعض أميركا اللاتينية، هل أيضا أجبرتهم خلايا مخابراتية سورية وحزب الله على الاحتفال والاقتراع!

أعود للداخل وما نقله "الكذاب" سبنسر:

ما دام هو في مناطق المعارضة، فقد رأى وسمع مئات القذائف "جرات الغاز" التي أطلقها المجرمون أصدقاءه على مناطق حلب الأخرى، لابد أنه عاين شخصيا كل يوم منذ مساء الأحد حتى صباح الثلاثاء ما لا يقل عن خمسين قذيفة يوميا، قتلت ودمرت وحرقت.

ثم كيف عرف هو غيره أن السوريين المساكين المحبوسين في مناطق النظام أجبروا جميعا على النزول إلى صناديق الاقتراع؟ فأنا شخصيا لم أقترع! وطبعا مثلي كثيرين جدا!

في الواقع كنتُ قد صمّمتُ على عدم الاقتراع، لكي أكتب فيما بعد هذه المقالة، لأنني توقعت كل الدعاية المتعلقة بإجبار الناس على الاقتراع. نعم ربما يطالب النظام بولاء من عناصر الجيش أو الشرطة، أو بعض الموظفين، ولكن ماذا عن كل ما تبقى من شرائح المجتمع؟

كذلك كنتُ أعلم الدعاية التي يمضغونها دائما: رجال الدين هم أدوات النظام وينفذون رغباته، بل هم مـُجبرون على ذلك. وأنا اليوم أعلن أنني يوم الانتخابات في السفارات السورية، كنت في بيروت، وعدت أدراجي وسط دعاية كبيرة أن السوريين الذين لم ينتخبوا لن يُسمح لهم بالدخول إلى سوريا، ودخلت. ويوم الانتخابات – الأمس – كنت في حلب ولم أقترع، لم يتصل بي أحد، لم يسألني أحد عن الموضوع. وسأكتبُ مُلحقا لهذه المقالة يوم سيأتي عناصر المخابرات ويحققوا معي عن سبب عدم ذهابي للاقتراع. فهل سيأتون؟

فعلا من السُخف بمكان، الاعتقاد أن من أصل 15 مليون سوري يحق لهم الاقتراع، لن يوجد 5 ملايين يؤيدون بقاء الرئيس القائم! أم أن أعداد الموالين والمعارضين يتم إحصاؤه في السعودية أو أميركا. أعتقد أن بعض السوريين يجب أن يخجلوا على أنفسهم حقا.

الأربعاء 4 حزيران 2014