(سنة 2017 تخاطب نفسها وخالقها قبل خروجها للحياة)

أنـــا خائفة

أَمَرني صاحبي أنْ أنطلق وأبدأ حياتـي.

فيما مَضَى كنتُ أظنُّه يُـمازحني، أو أنّه يَـمتحنُ طاعتي، فما كنتُ أعتقدُه جاداً ابداً.

والأوامر الصادرة، لم يَتبقَّ مِن الوقت للبَدء بتنفيذها سوى ساعات بشرية قليلة، وأنا ما أزالُ أنتظرُ أنّه يَبْتسم ويقول: لا تقلقي، لقد انْقَضَى الأمر، لا عَمَلَ لكِ بعد الآن!

لكنّه لـم يفعل، وما يزال القرار صادراً وساري المفعول!

هل حقًا سأنْطلقُ وأُعلِنُ زمناً جديداً وسنةً جديدةً للبشر والخليقة الـمُتعلّقة به؟ ألا يَكفي ما عاشتْهُ أخواتي الـمُنصرمات؟

أنا حقًا خائفة، بلْ مُرتعدة. قتلٌ جديد سيُسجّل باسمي، وظلْمٌ مُتصاعد سيُدوّن على أذيالي، ودمار وتشرّد وتخريب ستكون مادةَ صفحاتي! آه يا ربّ، آه يا صاحب لماذا تَظْلمُني هكذا؟

أَخْبَرتُكَ أنّني أرتعدُ رُعباً مِن القصص التي حَـمَلتْها أخواتي الماضيات، ومِن بشاعةِ مُـحتوى خزّانات كلّ واحدة مِنْهن! وأنا كنتُ أظنّ أنكَ قرّرتَ أنْ تُوقف آلامنا ومتاعبنا وذُلنّا!

ساعات وأتركُ غَفوتي وراحتي، وأنطلقُ لِتَنْهشني المخلوقات الـمُسماة "بشر"، تعلكني، تعضني، تبصقني، تدوسني بأقدامها، وتخرّب جَـمَال تفاصيلي بأساليبها المرعبة.

ساعات قليلات، يَـبدأونَ بعدها باستخدامي لا لشيءٍ أكثرَ مِن ضَرَر كلّ شيء بـما فيه أنفسِهم! فأنا لم أسمع مِن كلّ أخواتي اللّواتي عاصرتُهنّ، عن مخلوقات مُبرمجة لضرر الكلّ، بما فيها ضَرَر ذاتها سوى "البشر"! أيّ جنون هذا؟

نعم أنا خائفة، لأنّـي سأبدأُ سريعاً بملءِ خزّاناتـي بأخبارِهِم وأحداثِهم، وسأحمِلُها ما حَييت مِن الدهور القادمة، ويومَ سيُذكر اسمي بين سنين الدهور، كم مِن أوصافِ الذّل والعار سيَلحَقُ بي! وأسفاه!

لكنّي في خوفي، ما أزال أنتظرُ أنْ يُفْرجَ عن مفاجأتِهِ العجيبة، فيَمْنَعُني مِن الخروج للحياة!

يا ليتَكَ تَفْعَلُها يا خَالِقي.

 

30 كانون1 2016