صِفْر حماية!

من الجانب الطبي، اليوم أدخل أدنى درجات انعدام المناعة في جسمي. فالدواء الذي آخذه يقتل الخلايا السرطانية، لكنه يحطم الدفاعات الأساسية في جسمي، وهذا يعني أنني أصل إلى "صفر" حماية. بالحقيقة أفزعتني الفكرة وأنا أقرأ عنها اليوم، ولبعض الوقت خلال النهار بدأت أفكر بكل ما هو حولي من فرش البيت إلى الهواء، إلى العيادة التي كان لابد أن أزورها اليوم، مارا بمخبر التصوير الاشعاعي، عابرا بالسيارة، مئات السيارات من حولي.

كنت أكتب الكلمات السابقة يوم الأربعاء، ولم يطل بي الوقت أكثر من 24 ساعة، حتى ارتفعت حرارتي وأصابتني أعراض تُعتبر خطيرة في حالتي وتم نقلي إلى الطورائ! والواقع طارت فكرة هذه الكلمات، فعلى ما يبدو أن "صفر" حماية تحولت إلى واقع عملي!

مر الخميس والجمعة بصعوبة بالغة، وبدأ التحسن مع صباح السبت، بدأت تبتعد المخاطر شيئا فشيئا، للرب كل المجد.

في كل هذا الصخب، سألت نفسي: بالمبدأ من لديه ضمانة حماية ولو أعلى من الصفر بقليل؟ من يستطيع أن يضمن صحته ليوم قادم؟ من يستطيع أن يضمن عائلته، أولاده عمله، ممتلكاته ولو ليوم واحد؟

بدأت أشعر كأنني أصبحت أفهم مثل هذا النص "الإِنْسَانُ أَشْبَهَ نَفْخَةً، أَيَّامُهُ مِثْلُ ظِلّ عَابِرٍ" (مز144/4) بشكل أفضل "أَنْتُمُ الَّذِينَ لاَ تَعْرِفُونَ أَمْرَ الْغَدِ! لأَنَّهُ مَا هِيَ حَيَاتُكُمْ؟ إِنَّهَا بُخَارٌ، يَظْهَرُ قَلِيلاً ثُمَّ يَضْمَحِلُّ" (يع4/14).

نعم، هناك نوعان من الحماية، الأول ما نملكه ونجمعه ونخزنه، إضافة إلى صحة أجسادنا التي نتعب عليها كثيرا، وقيمة الحماية المؤمّنة هنا تتراوح بين الصفر والصفر. والثاني ما يعطيه الرب ويوفره للمتكلين عليه، وقيمة الحماية المؤمنة هنا تسبح بعيدا إلى اللانهاية!

ستأتيك أيام تشعر فيها، أو حتى تختبر فيها كأن الحماية انهارت من حولك وفيك، كما حصل مع ايوب أو حزقيا الملك أو حتى بولس، مع هذا اترك عينيك على السيد الماسك بزمام كل الأمور، لأنه سيأتيك كما فعل مع بولس ليقول "تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ" (2كو12/9).

 

كالغري 25 أيلول 2021