اخجلوا من أنفسكم

أخيرا استيقظ المسؤولون المصريون على حقيقة أنهم يعاملون بعض المواطنين بمفعول رجعي عمره قرن ونصف! بالفعل مَن يستطيع أن يصدق أنه بين الخط الهمايوني وإسقاط الملكية المأسوف عليها 8 ولاة وخديويين وملوك (محمد سعيد باشا، اسماعيل باشا، توفيق باشا، عباس حلمي الثاني، حسين كامل، فؤاد الأول، فاروق الأول، فؤاد الثاني)! وبين قيام الجمهورية بعد الثورة المشؤمة وحتى استيقاظ المسؤولين المصريين 11 رئيس مصري، واحد منهم صار رئيسا ثلاث مرات (محمد نجيب، جمال عبدالناصر، محمد نجيب، جمال عبدالناصر، زكريا محي الدين، جمال عبدالناصر، مجمد أنور السادات، صوفي أبو طالب، محمد حسني مبارك، محمد حسين طنطاوي، محمد مرسي، عدلي منصور، عبد الفتاح السيسي)!

هل تعرفون ماذا حصل منذ العام 1856 حين صدر عن السلطان العثماني المُتخلّف قانونا يُنظّم بناء الكنائس؟ سأخبركم:

سقطت الامبراطورية العثمانية نفسها، وشعر أتاتورك وأتباعه بالعار مما ورثوا منها، لكنّ الحكام المصريين على مدار قرن ونصف، لم يشعروا بأي انزعاج مِن الخط الهمايوني!

دخلت أوروبا ومعها كثير من شعوب الكرة الرضية، حربين عالميتين وأُعِيد تقسيمها مرات عديدة. انتهت القيصرية الروسية، وتشكّل الاتحاد السوفياتي، وانحل الاتحاد السوفياتي، وقامت روسيا العظمى، ومازال تصليح جدار في كنيسة يحتاج إلى مرجعية قانون 1856!

تحوّلت المملكة المصرية إلى دولتين، وقامت إسرائيل دولة جديدة في المنطقة قويت على كل جيرانها، وقامت مملكة جديدة صار اسمها الأردن، وجمهوريات أخرى هي لبنان، سوريا والعراق. والمسؤولون المصريون يرمون في سلات المهملات طلبات بناء كنائس جديدة!

انحلّ عقد حلف وارسو، واحتار حلف شمال الأطلسي مَن يُعادي، وقامت عصبة الأمم، وغيرت لباسها لتصبح منظمة الأمم المتحدة، وتشكلت شرعة حقوق الإنسان، والمرأة نالت بعض أو نصف أو معظم أو كل حقوقها، لكن حقوق المسيحيين كانت ما تزال محبوسة بقانون وضعه سلطان مات منذ مائة وخمسين عاما!

صعد بعض الناس لزيارة القمر، وسواهم ارسلوا مركبات أخرى ما تزال تسافر في الفضاء. انثقب غلاف الأوزون حول الأرض، ذابت الثلوج في القطب الشمالي، ولم يستطع أحد أن يُخرج المسيحيين في مصر من سجن الخط الهمايوني، الذي لا يعرف أحد في الكرة الأرضية شيئا عنه، سوى بعض المؤرخين والمسؤولين المصريين وطبعا مسيحيو مصر!

كان عليكم، بدل أن تقفوا وتتبجحوا بالوحدة الوطنية، أن تقفوا وقفة خجل من أنفسكم، وتقروا أنكم حكومة تعيش قبل عصرها بقرن ونصف، تماما كما كانت عشرات الحكومات قبلكم.

أما الخجل الحقيقي، فسيكون للمحافظين المنوط بهم البت في التراخيص الجديدة، لأنهم سيخجلون من أخباركم أنهم لا يستطيعون، ولن يستطيعوا اصدار أية موافقة بدون رأي المخابرات...

 

كالغري 30 آب 2016

#pastorajji