كلمة تشجيع

وسط الظروف الصعبة التي تعبر بها البلاد ويعبر معها المسيحيون

(على هامش مداخلة هاتفية على محطة سات7 وبرنامج كاشف الأسرار مساء السبت 25/6/2011)

 

أبناءنا واخوتنا الأحباء

إن الظروف الصعبة التي تعبر بها بلادنا، ونعبر نحن فيها أيضا كمسيحيين، تؤكد علينا الالتفات إلى والانتباه إلى:

 

     لننظر إلى ما يحدث كأنه جرس تنبيه وإنذار لكل واحد منا لنلتفت بالأكثر إلى إلهنا ومخلصنا. لنتذكر مواقف رجال الله عبر العصور، إن في الكتاب المقدس أو في التاريخ الكنسي، لنقرأ حياة ومواقف دانيال ويوسف عندما انقلبت الدنيا من حولهما، إيليا وأليشع وعزرا في أيام التقلقل السياسي، التلاميذ إثر سجن بطرس واستشهاد يعقوب، يوحنا الحبيب الرائي وهو يكتب اختباراته في أسوأ أيام مرت عليه بعد /90/ عاما من حياته! كلها ستنبهنا إلى ضرورة هذه الإلتفاتة في هذا الوقت وضمن الظروف التي نعبر بها.

 

      لننظر إلى حاجة الناس من حولنا الذين بسبب تزايد الضغوط زادت حاجتهم إلى كلمة تعزية وتشجيع، لنجهز أنفسنا بكلمة الله الحية وقوة وتعزية الروح القدس، ولنتذكر أن إلهنا الذي هو إله كل تعزية، هو ساهر على تعزيتنا وبركة حياتنا بحسب قول القديس بولس: "الذي يعزينا في كل ضيقتنا حتى نستطيع ان نعزي الذين هم في كل ضيقة بالتعزية التي نتعزى نحن بها من الله".

 

      لنتمسك بمقامنا بهذه البلاد، وعدم الاستسلام لفكرة أننا أقلية هنا، مبقين في أذهاننا أن كلمة أقلية لا تنتمي لمفهوم "المواطنة"، ومع هذا هناك فرق بين أقلية حديثة العهد بالعلاقة مع الزمان والمكان، وأقلية تنتمي صميميا للمكان. نحن اليوم ربما أقلية بالمعنى العددي، لكننا أصل الأرض والثقافة والتاريخ، نحن اليوم جذور لهذه الشجرة التي هي الوطن الذي ننتمي إليه في هذا الشرق.

 

     لننتبه إلى عدم الإنجراف إلى العنف بكل أشكاله. وأقصد بالإنجراف إن بالمشاركة أو التأييد، فالكتاب يقول: "كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون". فمنطق المقاومة المسلحة أو العنيفة غير مقبول، حتى وإن استخدمت السلطات القائمة العنف، فلا مبرر للرد عليها بالعنف المشابه، كما لا يجوز مجاراتها بهذا العنف، ولنعلم أن التاريخ يشهد على انتصار الشعب في النهاية وليس الحكومات.

 

      الانتباه إلى جذر أو جذور المشاكل القائمة والتي تظهر بمظاهر علنية كالفساد أو الرشوة أو تتبلور بصورة السلطة والقوة وسواها. فالداء ليس كامنا في تغيير طبقة حاكمة، بل في السير في تغيير منطق الإنسان وتطلعاته ونظرته للوطن والمواطن، وهذا يشمل كل إنسان ولكن بالأخص من يصنف نفسه أو ربما يصنفه الناس على أنه من الطبقة المثقفة أو السياسية. وهذا لا يعني أنه ليس هناك فساد أو مظالم تقع هنا أو هناك، ولكن علينا كمسيحيين أن ننتبه أن أزمات وأمراض أعمق متأصلة تحت هذه المظاهر السيئة، مثل:

  • o     موقع ودور وحقوق الأنثى في المجتمع والبلاد على كل صعيد.
  • o     عدم اكتمال مفهوم المواطنة والمواطن كما ذكرنا آنفا، والذي زاد في الآونة الأخيرة بازدياد الحديث عن دور القبيلة ورجال الدين والطوائف الأقليات.
  • o     عدم اكتمال النظرة العلمانية للحكم في البلاد والمنطقة.

 

      أخيرا أو خلاصة لما سبق، وخاصة النقطتين الأوليين، لنتذكر جيدا ودائما أن إلهنا حي وقادر على كل شيء. وعادة ما يسأل البعض عن معنى ومدى القول "قادر على كل شيء"؟ والكتاب المقدس يقول "كل شيء" بكلِّ المعنى! قادر على تغيير السياسية والجغرافيا والثقافة وكل أمر آخر، الناس والحكام والأنظمة بغض النظر عن أية مُسلَّمة نراها عديمة التغيير.

 

أحبائي بالمسيح

هذا وقت يمكن لأحداثه أن تأخذ عيوننا وتفكيرنا نحو كل اتجاه واهتمام بما فيها توافه الأمور، لننتبه ولنتيقظ فنحن لدينا رسالة لأنفسنا ولمن حولنا.

 

حلب 25 حزيران 2011