لولا النعمة

لولا النعمة ما كنت أشوفك ولا كان لي مكان بسماك

أنا مديون لك ربي بعمري ياللي فدتني بسفك دماك

كان يجلس أمامي مباشرة، وكنّا نتناوب على اختيار هذه الأغنية الروحية الجميلة، لكنّنا كنّا نَتَشارك الدّمعة أثناء ترديدها.

كان يَتذكّر كيف ومَن كان، وكيف قَلَبَ المسيح كلّ الموازين في حياته. نعم ما يزال فقيرا، لكنّ التحرير الذي صَنَعَه المسيح في حياته كان أكبر مِنَ الفقر وكلّ "التعتير" الذي كان يعايشه ليل نهار.

وأنا كُنتُ أتعجّب أكثر وأكثر مِن هذا الإله الذي يستطيع أنْ يَصنَعَ معجزاتٍ تَقْلب موازين الدنيا كلّها! وما زلتُ أتعجَّبُ مِن هذا الإله الذي يَذهبُ إلى حيثُ لم يذهب أحد، ويُكلِّم مَن لم يكرز له أحد، ويَـخترِق ويُـحطّم جدران لا يَتَجاسر أحدٌ على لَمْسِها!

وبينما كان خاطِرَيْنا يُسافران بهدوء كلّ تلك المسافات، كانتْ أصواتُنا ما تزال مُعْلِنَة الاعتراف:

يا ما حاولت وكنت بحاول أجد الراحة ما كنت طايل

عشت بوهم سنين خدعتني شهوة عيني في عالم زايل

عزيزي "لولا النعمة":

باعَدَتْنا الجغرافيا، فلماذا أَضَفْتَ عليها مشاعر بارِدَة، وأحاسيس نائمة؟ هل حقًّا نَسيتَ "لولا النعمة" ودموعَنا؟ هل حقًّا نسيتَ تلك الكُرسيّ البيضاء، في الصَّف الأول، في تلك القاعة الصغيرة البادرة؟

هل حقًّا نسيتَ مَنْ كُنتَ ومَنْ صِرْتَ، وما صَنَعَ بحياتِكَ؟ ونَسيتَ سُجُودنا هناك نَضرَعُ مِن أجل طلباتٍ بَعضها صغير وبعضها كبير، وبعضها مستحيل،  تَـحوّل إلى حقيقةٍ في حياتِكَ؟

أمّا أنا، فمازلتُ أَتَرقَّبُ يوماً نلتقي بقاعَةِ كنيسةٍ، ونُرنِّـم معاً:

نعمة غنية اتجهت ليّ فكت نفسي من العبوديه
لما نداني يسوع ودعاني في الحال قلبي تغير فيّ

كالغري 18 تموز 2015