المُعَلِّمُ

المُعَلِّمُ، كلمة جميلة في اللغة تحمل معان ذات دلالات رائعة جدا. ولهذا أستغرب أن تنتشر بيننا كلمة "أستاذ" أكثر من هذه الكلمة الجميلة الغنية.

سأتوقف في تحيتي اليوم للمُعلِّمين والمُعلِّمات في كنيستنا وبلادنا الحبيبة عند معنى واحد هو "المُعَلِّم".

مِن الجيد أنْ أُلاحظ أخواتي واخوتي، أنني "مُعَلِّم" بمعنى أني أترك علامة! مِنَ الجيد أنْ أُدركَ وأنا أُنجز عملي اليومي مع المُتَعَلِّمِين، صغارا كانوا أو كبارا، وخاصة الصغار منهم، أني أعمل لأترك علامة، وهنا اسأل نفسك:

ما العلامة التي أضعها على المُتَعَلِّمِين؟

فسوف تظهر عاجلا أم آجلا علامَتي أو علاماتي في شكلهم، في حركاتهم، في كثير من لغة الجسد التي يستخدمونها. ألا تعتقدون هذا؟ أَلَمْ تلاحظوا كيف أنَّ الصغار منهم – خاصة - يعيشون ويمارسون تلك العلامة – العلامات التي نضعها عليهم؟ ومع أهمية هذا، فمن الكارثي أنْ نَقِفَ عند هذا التأثير، وأنْ يُرضينا ما نراه مِن علاماتنا عليهم! فلا يجب أنْ يشبعنا ما نضع عليهم من علامات، لهذا إسأل نفسك السؤال التالي حتما:

ما العلامة التي أضعها فـي المُتَعَلِّمِين؟

إنني أخوتي أخواتي، شِئتُ أم أَبيتُ، انتبهتُ أمْ لَم أنتبه، أَضعُ علامة في المُتَعَلِّمِين منِّي، وهذا هام جدا بل وخطير. مِن هنا لابُدَّ أنْ أسأل نفسي بصدق وإخلاص، ما العلامات التي أَضعُها في المُتَعَلِّمِين منّي؟ ولابُدَّ أنْ يجعلني هذا أدرك أهمية مهنتي هذه، فأنا لا أُزيّن جِدارا، سوف أعيد طلائه أو تزيينه من جديد بعد أيام أو ربما سنوات! إنني – كمعلم - أضع علامات في الإنسان، ستبقى فيه، وستنمو مع نموه، وسيكبر تأثيرها مع تقدم تأثيره في المجتمع، فما العلامة التي أضعُها فيهم؟

نعم، أرى مِن حولي كثيرين أهملوا واستخفوا بمهنتهم هذه، أمَّا أنا فلا يجب أنْ تكون عيوني على أولئك المُعَلِّمِين الذين فسدت ضمائرهم، وانتهجوا التعليم وسيلة ربح وحسب، بل إلى المعلم العظيم المتواضع، الذي وضع علامات في المُتَعَلِّمِين منه، دخلت أعماق حياتهم، ودامت بهم إلى الأبد.

فلأنظر ما فعل بي أنا ذلك المعلم العظيم – الرب يسوع المسيح - بلمسه حياتي، وزرعه علامته فيّ، كيف حوّل حياتي تحولا عجيبا لا مثيل له.

اخوتي وأخواتي المُعلِّمين والمُعلِّمات، تقول الوصية المباركة: "لا يغلبنك الشر، بل اغلب الشر بالخير"، وأقتبسها على قياس المناسبة، وأقول لكم: لا يغلبنكم فساد أو إهمال شركاءكم في المهنة، بل حافظوا على أنفسكم كأنكم تجلسون أبداً أمام المُعَلِّم العظيم تُعَلَّمون مِنْ قِبَله. كأنَّكم تضعون "على" و "فـي" المُتَعَلِّمِين علاماتٍ لا نهاية لتأثيرها وفاعليتها

ليبارككم الرب المعلم العظيم يسوع المسيح

حلب 19 آذار 2010