معلولا يا بيت لحم سوريا

 

اليوم.. كم هو يومٌ حزين أيتها الصخرة المسيحية، يومٌ حزينٌ أجلسُ فيه أرقبُ كتابة الفصل الأخير مِن مأساة مَسحك مِن ذاكرة التاريخ.

 

معلولا يا حضن ذكرياتٍ ومآسٍ وكنوز مسيحية وبشرية يفوق سوريا حجما، اليوم نُسلّمك لجلادِكِ المتوحش، كَما أُسلِم أطفال بيت لحم لجنون ملك مهووس موتور.

 

هل حقاً تعذرينا أنّنا لم نستطع حمايتَكَ، فقد أخطأنا أنّنا لم نَحْمل السلاح لنقاتل، فكلّ ما تعلَّمْناه حتى الآن أنّنا نحن مسيحيون لا نقاتل ولا نقتل، فقتلناك!

 

معلولا يا بيت لحمنا، اعذرينا إذْ نقفُ اليوم نتفرّج على آخر مشاهدِ دمارك، ولا نستطيعُ أنْ نُحرّك ساكنا!

 

راهباتُك الجليلات مَسبيّات، مُنكَّل بهن،

 

أيقوناتُك مَهتُوكات مَرميّات على أرض دَنَّستْها أقدامٌ نجسة،

 

أبوابُ كنائسك وأديرتك محطمة فوحوش الأرض لم تَعْتَد السكن في حجرات لها أبواب ونوافذ!

 

أما نحن فنجلسُ قابعين كالجبناء نَنتظرُ مزيداً مِن أخبار سَحْق وتحطيم وحرق ما يَكتَنِفُه صَدرُك مِن ذكرياتٍ وأخبارِ أديارٍ ورُهبان وراهبات ومسيحيين هاربين مِن بَطش وُلاة عثمانيين نَكّلوا بهم، وأمراء سلجوقيين أو زنكيين أو أيوبيين ومِن كل أولئك العجم الذين يَعِيثُ بعض أحفادهم اليوم في شوارعك فسادا!

 

معلولا التي حارَبَتِ التاريخ ووقفتْ هناك عالياً، معلولا التي أصرّتْ بكلّ جنون على التمسّكِ بلغةٍ طَغَيْنا عليها حتى تَنْساها، فما نَستها، وإنْ جلّ ما بقي منها أشبه بنماذج جامعية.

 

بيت لحم سوريا، تَبكيها اليوم كنائس سوريا ومسيحيوها، ويَنْتَحِبُ عليها التاريخ مُتوشّحاً بالسواد.

 

وَيحي عليك يا جميلة الجبال.

 

بيروت 3 كانون1 2013