نعم مسيحي متطرف!

اليوم، ينتشر خوف متعلقٌ بكل ما يُمكن أنْ يرتبط بمصطلح "مُتطرف". لهذا يَسرُّ البعضَ أنْ يَنعتنا أو يَنعتَ مسيحيتنا بالتطرُّف، كَشُبْهةٍ تُخيف الناس وتُبعدهم عنّا وتُنفِّر السُّلطة على حدٍّ سواء.

وأنا هنا أُريح أولئك فأقول لهم: إنّنا بالفعل مُتطرُّفون! ولكنْ هل تعرفون كيف يكون المسيحي المُتطرف؟ وما أبرز صفات تطرفه؟

المسيحي المتطرف كما نسعى ليكون، هو شخصٌ:

يُكثِرُ الصلاة والتأمُّل والحديث مع الله، وهذا ما يَجعل وقتَه يضيق لإنجاز كثيرٍ مِن أعمالِ أو مستلزمات الحياة اليومية المعاصرة المستهترة. ولا نقصدُ بـ "الحديث" هنا تكرار كلمات كتابٍ، حفظها هو وحفظها إلَهه مِنَ التكرار، بل حديث ابن مع أبيه، وصديق مع خِلِّه. لكن لا تَخَفْ، لن يُزعجك بشكل صلاته، لأنَّ لا شكل لها، فهو يُكلِّمُه بقلبه بسرِّه، بدون أية إشارة خارجية أو منظر يُهدد استكانتَك لعدم الصلاة، أو إرتياحَك للتكرار الذي يُعلِّمُ الشطَّار!

يُحبُّ أهله وعشيرته والعشائر الأخرى التي يرتبط معها بمعاهدات صداقة أو صلح، وتلك التي لا رابط معها، لا مِنْ قريب ولا من بعيد! إنَّه يسعى أنْ يتذكَّرَ هؤلاء وأولئك. يتذكَّرهم ليُصلِّي مِنْ أجلهم، ويَطلبَ الخير وبركة الله لهم. لديه لائحةُ أسماء طويلة ثقيلة، ليس ليَشِيَ بهم، بل لكي يَستلطِفَ وجه العلي بالبركة الإلهية عليهم.

أمينٌ في عَمَلِه، مُخلِصٌ لوظيفته، صادق في تجارته، وهذا بحسب عقد عمله الأول! فعَقْدُ العمل الأول الذي وَقَّعَه كان مع إلهه وليس مع الدولة ولا مع صاحبة الشركة ولا مع نفسِه إنْ كان صاحب تجارة حرة. لهذا لا يَنتظرُ – هذا المسيحي المتطرف - "كبسة" تفتيش، ولا لجنة مراقبة، ولا دورية تموينية، لأنه يذهب بنفسِهِ عند المفتِّشِ كلَّ ليلة يُخبِرُ فيها إلهَهُ عن إساءاته وحسناته، وعن محطات فشله في أمانته ومحطات نجاحه.

يُحارب الخطية والفساد والشرور، يحاربها في حياته، ويُعِينُ عائلتَه وأصدقاءَه عليها، ويَتَحيَّنُ كلَّ فرصةٍ لِتَمْكِينِ المجتمع منها. إنَّه عبارة عن ورشةِ طَردٍ دائمةِ العمل لِنَفْي المفاسد والشرور مِنْ مُحيطه.

لهذا يَسعى "البعضُ" للتشهير بنا، والإساءة إلينا كـ "مُتطرفين" نُؤذي مصالِحَه ومصالح الناس والوطن، لأنَّنا في الحقيقية بتطرُّفِنا هذا نَكشفُ خطيته، ونُعرِّي رياءَه، ونَفضحُ تَديُّنَه الزائف. إنّ أولئك الذين اعتادوا الأضواء الخافتة أو العتمة يزعجهم النور، ويُقلق راحتهم.

لكن ماذا نفعل؟

نحن نورٌ، هكذا ربُّنا وسيدُنا. فليس أمام "أحبائنا" المُنْزَعِجِينَ إلاّ أنْ يستمروا بالانزعاج واغماض أعينهم مِنَّا، أو يُقْبِلوا إلى السيد المسيح، ويَتعلَّمُوا كيف يكون المسيحي المتطرف حقاً!

هل تُجرِّبْ؟

 

حلب 29 تشرين الثاني 2009