دعوة للبس المسوح

كيف تتوقع أن يكون تميزك كمسيحي؟

أنك تنادي بالمسيح مخلصا؟ أن تتمسك بالصليب شعارا وحقيقة مركزية في إنجاز الخلاص؟ صحيح تماما.

لكن هذا يجب أن ينعكس تصريحا، رأيا، فكرة، عملا... ومما يؤسف له أن كثيرين منا اختصروا هذا الانعكاس بتطبيقات على مستوى الفرد من مثل ألبسة محتشمة والنفور من خطايا اجتماعية كبيرة .

لكن ماذا لو قاتلت الأمّة نفسها؟ ما الموقف الذي يجب أن تأخذه؟

يجب أن تتبع صوت الله محذرا شعبه في القديم، عندما أصيب ذلك الشعب بهذا الداء نفسه. فقد تنافر الشعب فانقسم، وكان حاضرا للحرب مرات عديدة. وفي أول مرة حضّر نفسه للحرب، حذره الرب "لاَ تَصْعَدُوا وَلاَ تُحَارِبُوا إِخْوَتَكُمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ" (1مل12/24).

لكن الشعب الذي استمع مرة لتحذيرات رجل الله، سد أذنيه في مرات عديدة لاحقة. لكن الرب استمر بتوبيخاته "وَالآنَ أَنْتُمْ عَازِمُونَ عَلَى إِخْضَاعِ بَنِي يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ عَبِيدًا وَإِمَاءً لَكُمْ. أَمَا عِنْدَكُمْ أَنْتُمْ آثَامٌ لِلرَّبِّ إِلهِكُمْ؟" (2أخ28/19). وهذا يعني بوضوح حقيقتين على الأقل:

الأولى تحذيره الصريح "أَمَا عِنْدَكُمْ أَنْتُمْ آثَامٌ لِلرَّبِّ"، وفي تنبيه مماثل نقرأ الرسول بولس يحذرنا "إِذًا مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ قَائِمٌ، فَلْيَنْظُرْ أَنْ لاَ يَسْقُطَ" (1كو10/12). وهذا يعني، بالنسبة لكل مسيحي، وقبل أن يبدأ بعد خطايا "عدوّه" عليه أن يبدأ بعد خطاياه، وقبل أن يقول إن فلان خاطئ، أو إن فلان مستحق الموت. أو كما يقول النص السابق، قبل أن يقول إن شعب الشمال خاطئ وهو مستحق الموت، عليه أن يقول عن نفسه إذا كان خاطئا ويستحق الموت أم لا.

انتبه جيدا، نحن لا تحكمنا مقولات سياسية أو أيديولوجيات معينه، يحكمنا أولا ما نستحق وما يستحقه الآخرون.

الحقيقة الثانية أنَّ الأمّة التي تقاتل نفسها، هي تسفك دما! بغض النظر عن طبيعة وحال وموقف ودوافع المقتول – هي تسفك دما. ومحاربا كنت أو محرضا أو مشجعا أو متساهلا أو متغاضيا، تذكر وتفطّن دائما أننا نتحدث على سفك دماء.

لهذا، فإن المسيحي الذي تقاتل وتقتل أمته نفسها بنفسها، عليه أن يلبس المسوح، أن يجلس أمام الرب نائحا حزينا على شعبه الذي يغرق بالخطية. ليس لديه وقت للاحتفالات ولا للتهنئات بل ليردد رثاءات كالتي غناها ارميا يوم قتل شبعه نفسه بنفسه، يوم سهّل طريق بابل وآشور نحوه.

 

كالغري 20 حزيران 2021