الـمَـلَـــل

جلستُ على الشرفة أستنشقُ هواء الملل

أشربُ قهوةَ الإنتظار

أرْقبُ انتهاءَ الضّجر

أُصغي إلى كلامِ لا أَحَد

أُقَلِّبُ بيديّ حباتِ مَسْبحة مصنوعةٍ مِنَ حِجارةِ الفراغ 

مِنْ هنا أمامي أَبْنية كثيرة لا تعني سوى الـهَبَاء 

ومِنْ هنا غُرَفُ المنزلِ المملوءَة بالأثاثِ الجامد

انتهى الفنجانُ الأوّل، فألحقْتُه بالثاني عَلّه يُقصِّرُ زَمَنَ الإنتظار

استبدلتُ السّاعةَ بواحدةٍ رَقَميّة، عَلَّ الأرقامَ أكْثَرَ سرعة في التّحرك مِنْ تلك

أو على الأقلّ ربّما تُوحي بسرعةٍ يَجْعَلُ الصّمتَ يَتَقلَّص

جلستُ على الشرفة أستنشقُ هواء الملل

شَهيقُهُ يُخرِّشُ الأنف، زَفِيرُهُ حُرقَةٌ في الحنجرة

ثَقيلٌ في الصّدرِ كأنّكَ تَستنْشِقُ تُرابا

مُلبِّدٌ للعقلِ حتّى كأنّه يُوقِفُه عَن العمل

تَستسلِمُ الأفكارُ أمام الضّجر

وتَغْفو على كفّي الـمَلل

لِتَجِدَ نفسَكَ - وَحْدَها هائِمَة في فَضاءِ الفناء

جلستُ على الشرفة أستنشقُ هواء الملل

فجأةً أيقظَني مُرورُ لا شيء فـي فَضاءِ هذا الفراغِ السّقيم

فَتَعجّبْتُ مِن نفسي: حتّى متى؟

حتى متّى أتَخَلَّى عن "أنا" لأجلِ الضّجر؟

ولكنْ أين الضّرر؟ أَلَيْس هذا هوائي ومصدر وُجودي؟

فلا تَقْلَق يا "أنا"، فحتّى لو قمتُ، فإنّي عائد - حتما 

لأتنفَّس إكسير البَشَر

 

آب 2014