عقاب الادعاءات الدينية

تابعتُ باستغراب واندهاش إالقاء القبض ثم استجواب، وخلف الأسطر ما يكمن بين إلقاء القبض والإستجواب من كفوف تلقي التحيات الحارة على الوجنات والرقبة والأقدام تلقي التحيات الثقيلة على القفى أو البطن، أو حيثما اتفق، عدا الاهانة والإذلال، كما هو معتاد في منطقتنا وغيرها، ومن ثم محاكمة المجرم وإنزال العقاب الشديد به، والذي كان من شقين الأول السجن والثاني الجلد.

أمّا الجرم الخطير فكان إدعاء ديني "معين".

بت ليلة قراءتي للخبر، أسأل نفسي باستغراب: هل حقا يستوجب كل هذه الضجة والعقوبة لشخص يدعي أنه النبي الفلاني أو أنه نبي جديد يأتي إلى العالم أو حتى أنه الإله الفلاني ؟

أليس هذا إرهابا فكريا؟

ذلك الرجل المسكين، مدفوعا بمرض عقلي ما، أو اعجاب بنفسه بلغ الذروة لديه، أو مسوقا بقوى "روحية" ما، ما جريمته؟

جريمته أنه جال في الشوارع يخبر الناس أنه "النبي" يقنعهم، يفحمهم، يجذبهم "بفكره" فيصبح بعضهم أتباع له، ومعظمهم يرفضون، أين المشكلة؟

المشكلة أننا نحن العرب ما نزال – كما كنا من زمان – نخاف من الفكر!

أبطالٌ نحن، راكبو خيل، حاملو سيوف، مزواجون، جامعو مال، حافظوا نفط كثير، لا نهاب الموت كيفما أتانا ومن أينما أتانا، لكننا نخاف الفكر!

لهذا، ما كان اهتمام العرب بأسلحة الدمار الشامل في إسرائيل أكثر من مجرد اعتراضات خجولة لسبب اعتراض الغرباء عليها، والسبب بسيط، نحن لا نخاف، فالأسلحة النووية لا تخيفنا، يخيفنا الفكر!

ولهذا ما كان اهتمام العرب بالأقمار الصناعية التجسسية التي ترصدنا ليل نهار ونهار ليل، أكثر من أن نطلق أقمارا صناعية تملأ بيوتنا بأسخف وأحط الأغاني والبرامج المبتذلة، والسبب بسيط، فنحن لا نخاف أقمارهم التجسسية حتى ولو كان نصفها لإسرائيل، بل نخاف الفكر.

أليس غريبا؟

أولئك بالفكر، يملكوننا ويتحكمون بنا، ونحن نتملك ونتحكم بالفكر، خشية أن يدعي أحدهم – فكريا – أنه نبي ما.

واعجباه يا عرب!!

 

أول آب 2009