وداعا القس بطرس ناروز

 

تركت الكتابة عنه إلى يوم الأحد، لأن أجمل الذكريات التي لدي عن هذا الخادم ترتبط بالآحاد.

صحيح أن الأحد يوم الخدمة والذهاب إلى الكنيسة، لكن مع القس بطرس والأخت مريانا يبدأ كل شيء في البيت. فقبل الخدمة بساعتين أو ثلاثة أو حتى أربع ساعات يتقاطر الاخوة إلى بيته، خاصة أولئك الآتين من أماكن بعيدة. ولا مشكلة إذا وصلوا قبل الغدا أو بعده، فبطبخة الأحد دائما كبيرة وفيها زيادة، ولا بأس إذا وصلوا بعد رفع السفرة، فسفرة الغداء يمكن أن تُمد ثانية وثالثة!

والأمر نفسه يمكن أن يحدث بعد الخدمة، فكثيرون سيمرون بعد الخدمة، ولا يجوز صرفهم بلا عشاء. وفي وسط كل هذه الحركة التي لا تنتهي، يحدث أمران: الأول يجد أطفاله مهربا من الواجبات المدرسية المرهقة. والثاني يتابع القس بطرس تحضير خدمة الأحد، ولا أعرف كيف كان يفعل هذا!

وإلى أن ننطلق إلى قاعة الكنيسة البعيدة عن البيت بضع دقائق من المشي، يكون قد عرض على كثيرين من الذين وصلوا إلى البيت أن يعظوا أو يشاركوا الاخوة بتأملات كتابية. وفي وسط هذا كله، لن ينسى أن يضع على برنامج الخدمة ترنيمة:

كما أنا آتي إلى فادي الورى مستعجلا

إذ قلت نحوي أقبلا يا حمل الله الوديع

لمن لا يعرف القس بطرس ناروز،

كان راعٍ للكنيسة المعمدانية بحمص – الحميدية، أكمل بناء الكنيسة المعمدانية في العدوية. المشروع الذي بدأه القس إبراهيم بريك، لكنه لم يستطع إكماله بسبب وفاته المبكرة. وكان الرئيس الثاني للمجمع المعمداني في سوريا.

مصري، تزوج بسورية، وصرف حياته في بلادها. أكثر ما بقي في قلبي وفي ذهني من تلك السنوات التي عرفته بها هو جرأته التي فتحت له أبوابا مميزة للخدمة وأفرخت له أضدادا كثيرين، وكذلك بحثه المستمر عن خدام جدد، وفتحه المجال أمامهم للخدمة. من المؤكد أنني كنت واحدا منهم!

طعنه أحدهم في ظهره، أدت بالحكومة السورية آنذاك إلى طرده من البلاد، ليقضي باقي عمره بعيدا يخدم في المغترب.

القس بطرس ناروز، هنيئا لك هجرة أرض الفناء والتعب، إلى مستقرك الأبدي.

كالغري 17 تشرين1 2021