ليسوا عابرين

لا أعرف مَن ابتكر لقب "عابر" لوصف الشخص الذي انتقل من ظلمة الإسلام إلى نور المسيح. ولا أعرف إذا كان قد فَعَل هذا بنيّة صافية أو لغاية ليست نقية تماما. لكنني أعرف أن هذا اللقب يحمل مدلولا غير سوي داخل الكنيسة.

فإذا كان هو عابرا لأنه كان ميتا بالذنوب والخطايا، ثم أحياه المسيح. فمن يكون أولئك الذين كانوا قبله في الكنيسة وفي الإيمان؟ أليسوا هم أيضا عابرين، لأنهم كانوا خطاة أيضا، وأمواتا بالذنوب والخطايا، ثم نقلهم المخلص من الموت إلى الحياة؟

تضع هذه التسمية فرقا أساسيا وجوهريا بين أولئك الخطاة الذين أتوا إلى الإيمان من بيئة دينية معينة، وأولئك الذين أتوا من بيئة دينية أخرى، وهذا خطأ جسيم، يمهد لخلل في مفهوم الخلاص، وفي مفهوم الانتماء للمُخلص وبالتالي للكنيسة.

ببساطة، ابتكر اللقب، المسيحيون الذين ولدوا لأبوين مسيحيين، وعرفوا المسيحية لأجيال، وذلك لكي يُظْهِروا فرقا واضحا بينهم وبين أولئك الذين دخلوا الإيمان حديثا. فهذا يخفف عنهم عبء الاعتراف أنهم كذلك خطاة وفجار وبعيدون عن الله، لكن محبة المسيح التي حصرتهم وجذبتهم، هي التي حوّلتهم ليصيروا مسيحيين.

تُريح هذه التسمية المسيحيين، لأنها تُعيد التأكيد على أن المسيحية الموروثة مِن أبوين مسيحيين كافية لتجعل الشخص مسيحيا! مُـخالفة بذلك أبسط وأوضح النصوص الكتابية، التي تؤكد أن كل إنسان، بغض النظر عن أبويه، وبغض النظر عن أية ممارسات كنسية عُمِلَتْ له في طفولته، إنما هو "لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ، إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ. مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ"!

لا تضم الكنيسة مسيحيين أصليين، وعابرين إليها على الاطلاق. بل الكنيسة مجموعة مِن الخطاة الذين هجروا الخطية وحطموا قيودها، والتجأوا للمسيح المخلص. منهم مَن عَبَر إليها مِن مسيحية طقسية فارغة العبادة والمضمون، ومنهم مَن عَبَر إليها مِن وثنية عبادات باطلة نافلة، ومنهم مَن عَبَر إليها مِن إلحادية لم تفعل سوى زيادة الجوع والعطش، ومنهم مَن عَبَر مِن ظلام الإسلام وغيرهم وغيرهم...

أُشجعك أن تمتلك النظرة الكتابية الصحيحة لموقعك وموقع غيرك في كنيسة يسوع المسيح. لا تنظر إلى أبويك المسيحيين، وتنسى أنك مثلهما ولدت في الخطية، ثم أشرقَ عليك نور المسيح وأحياك. ولا تنظر إلى ذلك الذي أتى مِن أبوين غير مسيحيين، وتعتقد أنه مختلف عنك بسبب هذا الانتماء، فهو بكل بساطة ينتمي – مثلك – إلى عبودية الخطية، وكلاكما عبرتما من الموت إلى الحياة.

هم ليسوا عابرين، هم خطاة مخلصون، مثلي ومثلك تماما.

 

كالغري 5 آذار 2017

 

#pastorajji