عبادة خيطان العنكبوت

 

(على هامش استقالة وزير العدل المصري)

عندما تختارُ إلهاً مصنوعا مِن خِيطان العنكبوت، فهذا يعني أنّك في ورطة كبيرة، لأنّك ستبقى مُستنفراً لَيلَ نَهارْ لِـمُراقبة ما يَتَمزّق منه، وما يَهْتَرئ مِنه صباحَ مساء! وستبقى قلقلاً على مُرسَلِيه وأنبيائِه، لأنّهم سيَكُونون أكثرَ هَشاشة مِن خِيطان العنكبوت - إلههم. هَبَّة هواء تَعْطبه، حَركة جديدة تُـمزّقه، حِـمْل زَائِد يُفتّته وأَيَّة لَفْتَة غير مَدْروسة تَطْحَنه!

سيُقْلِقَك تَدخّل الآخرين به، وسيُغْضِبك تَعليقات بَعضِهم عليه، وستَبَقى مُتَوتّرا ليلَ نَـهار مِن مُداخَلَة "غبي" يُهدِّد بالحبس أيَّ مُـخْطئ حتى لو كان نَبيّ. ولن يَـخْطر بِبَالِك نَبيّ سوى نَبيّ خِيطان العنكبوت، فَستَرى نفسَك يجن جنونك، مدفوعاً للقتال حتى الموت.

سيَزْداد غبَاءُك حتى يَتفوّق عليكَ العنكبوت نفسُه ذكاءً، لأنّكَ ستَتَحوّل إلى عنكبوت سامٍ يَـجرّ خَلْفَه قَبِيلة مِنَ العناكب السامة، للدفاع عن الخيوط العنكبوتية. وسَتَقف العناكب تُراقِبَك ساخرة مِنْكَ في قَلْبِها، لأنّها عاشْت دُهُورَها تَستَخْدم الخيوط لفائدتِها، ثم يأتي دَخِيل غَبيّ مِثْلَك، يُكرِّس نفسَه لفائدة وحماية الخيوط، كأنها الغاية المرجوة!

عندما تَـخْتارُ إلهاً مَصنوعاً مِنْ خِيطان العنكبوت، فهذا يَعني أنّك سَتَخْشى الابتعادَ لأنّ الخِيطان تَحْتاج إلى حارس، وسَتَفْشل في زيادة المعرفة، لأنّ اختصاصكَ بَسْيط ومَـحدود لا يَتَعدّى شَبَكةً مِن الخيطان الواهية.

عندما تَـخْتار إلهاً مَصنوعاً مِن خيطان العنكبوت، فهذا يَعني أنّك بِغَبَاء ذُبابة، تَرمي نَفْسَك في أحضان الشّبكة، وتَتَلَحّف بِها لتدفئكَ وتحميكَ، وأنتَ لا تَعْلَم أنّك تُغْلق الباب على نَفْسِك، وتَشدّ وِثاقكَ وتَكُمّ فَمَكَ وتَقْطَع الدم عن دِماغِكَ حتى يَنْقَطِع عن العمل!

هل خَطَر بِبالِكَ لحظًة أنْ تَبْحث عن صانِعِ تلك الخيوط؟ هو مُـجَرّد دابّةٍ صَغيرة تافِهَة وغبية، لكنّها مِنَ الذكاء بِمَكان أنَها ما تَزال تَسْتَخدم الخيوطَ لغاياتِها، ولم تُـحوّلها إلى غايَةِ الحياة.

هل خَطَرَ بِبَالِكَ أنْ تَبْحَث عن إلهٍ حَقِيقي يُبَارِكُ حَياتَكَ ويُجمّلَها، بَدَلَ العُبَوسة والكَراهَة التي تَتَدثّر بها؟

 

كالغري 14 آذار 2016